لننظر معا الى العملات الرقمية من منظور مختلف؟!
قبل أن نمضي قدما، إذا كنت لا تفهم التضخم أنصحك بالقراءة عنه وفهمه أولا.
إذا كنت جديدا على البتكوين ولم تحصل عليه بعد أو لا تعلم ما هو، فأيضا أنصحك بتعلم المزيد عنه من هنا – سلسلة تعليمية عن أهم مباديء العملات الرقمية
البتكوين من الأصول المالية المتقلبة بشكل عنيف.
لأنها أصول حديثة النشأة، فإن البتكوين وغيره من العملات المشفرة في الواقع أكثر عرضة للتقلبات من الأصول التقليدية مثل الأسهم أو السندات مثلا.
إذا كنت تعيش في أي دولة حديثة ذات أنظمة اقتصادية متقدمة، فمن المحتمل أن ترى البتكوين على أنه أصل متقلب غير مستقر، والعملات الرقمية المشفرة الأخرى أكثر منه تقلبا.
وكالمرة الأولى التي تقوم بالصعود الى السفينة فان كثرة التقلبات ستشعرك بالإعياء الشديد، وهو ما يحدث في أسواق العملات الرقمية. من تقلبات للأسعار صعودا وهبوطا يمكن أن تسبب حتى للمستثمر الأكثر خبرة قليلا من الاعياء.
إذا كنت من ثيران البتكوين طويلي الأجل مثلي، فأنت تفعل ما في وسعك لتهدئة عسر الهضم هذا من خلال تجاهل انخفاض 51٪ من منتصف أبريل إلى منتصف مايو وستنظر الى مخطط السعر على مر السنين.
ومع ذلك، في حين أننا على حق عندما نرى البتكوين من الأصول المتقلبة، فإننا نرى البتكوين من خلال أسعار الدولار الأمريكي.
أو كما يسميها المتداولون أو المستثمرون، زوج التداول BTC/USD.
لكن هناك وجهة نظر مختلفة تحدث في العديد من البلدان حول العالم!!!
لبنان على سبيل المثال.
كما هو واضح فاننا في هذا المقال سنتناول البتكوين من وجهة نظر بلد آخر بعيدا عن الدول الرأسمالية المتقدمة، سننظر اليه من خلال بلد يعاني من التضخم المفرط مثل لبنان.
لبنان بلد صغير في الشرق الأوسط على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وهي تقع شمال فلسطين، غرب سوريا، ويقطنها أكثر من 6.8 مليون نسمة.
لديها بعض الشواطئ الرائعة وأشجار الأرز الشهيرة عالميا وبعض من أعظم المواهب في العالم قد جاءت من لبنان أو يمكن تتبع جذورها هناك، يمكن لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم لبنانيين في جميع أنحاء العالم أن يصل عددهم إلى 14 مليون نسمة.
بعد أن كانت لبنان باريس الشرق الأوسط، بدأ وضعها يزداد سوءا مع الحروب في 1982 و2006. وبدءا من نهاية عام 2019، شهد لبنان تضخما مفرطا.
وقد عبرت وكالة رويترز مؤخرا عن تفاصيل الوضع المالي بأن:
“العملة اللبنانية تنخفض إلى مستوى منخفض جديد مع تعمق الانهيار المالي في الاقتصاد اللبناني”
لنفترض أنك تعيش في لبنان قمت بتخزين مدخرات حياتك بالجنيه اللبناني اعتبارا من ديسمبر 2019.
إذا كانت قيمة مدخراتك تقدر بـ 100،000 دولار أمريكي، ولم تقم بالإنفاق منها وتركتها في البنك كما يفعل العديدون، فان في الوقت الحالي ستكون قيمتها حوالي 10،000 دولار أمريكي.
هل يعالج البتكوين والعملات الرقمية هذا؟!
باختصار، الإجابة هي نعم!!
وهناك أربعة أسباب تفسر ذلك:
أولا: ارتفاع سعر البتكوين على المدى الطويل
معدل انشاء عملات بتكوين جديدة ثابت و متناقص، ويتم فرضه بواسطة خوارزمية الكمبيوتر المستخدمة في تعدينه وتنخفض بنسبة 50٪ كل 4 سنوات الكمية التي يتم إصدارها من عمليات التعدين.
وهذا يجعل معدل اصداره متناقص على المدى الطويل بالمقارنة مع عملات البنوك المركزية مثل الدولار الأمريكي أو اليورو أو الليرة اللبنانية.
وفي الحالة الأخيرة أو جميع الأحوال يتم طبع المزيد والمزيد من الأموال (أو إنشاؤها رقميا في الحسابات البنكية) لحل المشاكل، دون أي حاجز لإيقاف إصدارها.
بلغ سعر البتكوين في 1 ديسمبر 2020 حوالي 19200 دولار أمريكي. ويبلغ حاليا حوالي 42,500 دولار بتاريخ 9 فبراير 2022.
ضع في اعتبارك أن هذا لا يزال مع انخفاض البيتكوين حوالي 40٪ من أعلى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي وهو حوالي 68,000 دولار أمريكي.
في المثال أعلاه،
إذا كانت مدخراتك في ديسمبر 2019 من البتكوين بدون ن تجني أي فائدة عليها فان 100,000 دولار في ذلك الوقت كانت تساوي حوالي 5 بتكوين.
وطبقا للسعر الحالي فان قيمة البتكوين ستكون حوالي 200,000 دولار أي أنك ستكون قد ضاعفت أموالك في خلال عام أو أكثر بقليل.
أعتقد أن الفكرة قد وصلت لك!!
لذا أذا كنت تشك بالأرقام فيمكنك مراجعة مخطط سعر البتكوين للعام الماضي من هنا ويمكنك أن تحسبها بنفسك لتحصل على نتائج أكثر دقة.
ثانيا: البتكوين قابل للنقل بشكل سهل.
لتجنب التضخم، يمكن لك أن تقترح وضع مدخراتك في الذهب!!
في حين أن سعر الذهب في السوق لم ينمو بنفس المعدل في خلال تلك الفترة على الاطلاق بل ان سعره شبه مستقر ولكن لم يتضاعف!!
ولكنه من الأصول الأقل تقلبا وهو وسيلة التخزين للعديد من الأشخاص خاصة من الجيل السابق لزمن التكنولوجيا ويمكن أن يكون جزء من محفظة استثماراتك بلا شك.
حيث أن حوالي 11 تريليون دولار مخزنة في الذهب حاليا.
ومع ذلك، في بلد يعاني من التضخم فان الشخص يواجه صعوبات في حمل الذهب و مخاطر في نقل كمياته والخضوع للسوق المحلي،
بينما يمكن الاحتفاظ بالبتكوين والعملات الرقمية الأخرى فيما يسمى “محفظة” بحجم الاصبع وهي فلاشه تخزين البيانات أو على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي.
ثالثا: البتكوين بلا حدود أو قيود
في الوقت الحالي في لبنان، لا يمكنك بسهولة سحب أموالك من البنك أو إرسالها إلى الخارج.
لكن يمكنك إرسال أو استقبال البتكوين من محفظة هاتفك أو من خلال منصات التداول، ويقبلها العديد من الأطراف على مستوى العالم بل ان العديد من الشركات التجارية تتجه الى شراء وتخزين البتكوين، ويطمحون الى اليوم الذي تتحول فيه المعاملات الى العملات الرقمية ولا يمكن شخص آخر منع الصفقة أو التحويل.
رابعا: البتكوين آمن وسهل التخزين
ملكيتك من البتكوين في محفظة خاصة تسمح لك أن تخزنه بأمان.
حيث لا يمكن أن يفتح أي شخص هذه المحفظة بدون كلمات المرور وبروتوكولات الأمان الأخرى التي تم انشائها وبناء هذه التقنية عليها.
على عكس الاحتفاظ بالذهب أو كومة من النقود، لا يمكن لأي لص سرقة بيتكوين الخاص بك، ولا يمكن لحكومة أن تستولي فعليا على البيتكوين الخاصة بك الا إذا اعطيته بنفسك كلمة السر وهي تكون في معظم الأحيان عبارة عن جملة مكونة من 24 كلمة مختلفة.
فلك أن تتخيل مدى صعوبة تخمينها أو فك تشفيرها، وهو عامل الحماية والخصوصية.